يُعتبر الحصول على شهادة الدكتوراه في تعلّم الآلة إنجازاً كبيراً يُحتفى به، لكن الإنجاز الأكبر سيكمن في الأثر الذي من المرتقب أن تحدثه الدفعة الأولى من خريجي الدكتوراه في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في المجتمع والقطاع الصناعي في المستقبل.
فبعد مرور خمس سنوات على تأسيسها، تنظم جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ثالث وأكبر حفل تخرج لأكثر من 100 طالب من دفعة العام 2024 في 6 يونيو في مركز أبوظبي للطاقة. ومن بين الطلاب قادة المستقبل في مجال التكنولوجيا والابتكار والإبداع، مما يعكس النمو المستمر الذي تحرزه هذه المؤسسة التعليمية ومكانتها كشركة رائدة في التميّز في مجال الذكاء الاصطناعي.
ولا بد من الإشارة إلى أن هذا الحفل يتسم بأهمية خاصة لثلاثة طلاب على وجه التحديد هم نعمان سعيد، وويليام دو فازلس، وهلال محمد هلال القوابع الذين سيصبحون أول خريجي دكتوراه في الجامعة، وذلك بعد إجرائهم أبحاث متعمقة في مجالات رائدة في الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة.
إذ أجرى الطلاب أبحاثهم في مجالات جديدة متعددة في إطار التحضير لأطروحاتهم، وهي أبحاث تتمتع بالقدرة على إحداث تغيير ملموس في العديد من القطاعات الحيوية، من الرعاية الصحية مروراً بالنقل وصولاً إلى الموارد المالية. فقد أتاحت الجامعة للطلاب المعرفة اللازمة، ومكّنتهم من إدراك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، واستكشاف الفرص المتاحة لهم، مما يمهد لهم الطريق لرسم معالم مستقبل يكون فيه الذكاء الاصطناعي البشرية في خدمة الإنسانية من خلال الإبداع والتعاطف والمعايير الأخلاقية الثابتة. كما قرر الخريجون الثلاثة البقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة بعد تخرجهم، وذلك لتمثيل الجيل الجديد من المواهب التي ستتولى قيادة مجال الذكاء الاصطناعي وتحقيق نقلة نوعية في القطاعات والصناعات الأخرى.
وقد ركز نعمان سعيد، وهو طالب باكستاني يتمتع بخبرة واسعة في الهندسة الكهربائية، بحثه على الاستخدامات المحتملة للذكاء الاصطناعي ومعالجة البيانات الضخمة للمساعدة في تشخيص وعلاج المصابين بسرطان الرأس والرقبة. وكان سعيد قد انضم إلى جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في العام 2021، بعد أن كان مهتماً منذ فترة طويلة بمجال الذكاء الاصطناعي عقب مشاركته في دورة تدريبية مع أندرو إنج، الخبير الرائد في تعلّم الآلة.
وبعد وقت قصير من انضمامه إلى جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وجد سعيد شغفه في إجراء الأبحاث التي تتمحور حول كيفية تطبيق تعلّم الآلة للمساعدة في تشخيص الإصابة بسرطانات الرقبة والرأس، وهو سابع أكثر أنواع السرطانات شيوعاً على مستوى العالم. وقد حرص على إجراء أبحاث قيّمة في هذا المجال نظراً إلى لطلب المتزايد على أفضل الخدمات والحلول للمصابين بهذه الأنواع من السرطانات.
بهذه المناسبة، قال سعيد: “يمكن أن تظهر هذه السرطانات في مختلف الأماكن داخل الرأس وفي الرقبة، مما يطرح تحديات عديدة عند محاولة الكشف المبكر، بسبب اختلاف الأعراض. ولا تكمن التحديات التي يواجهها الأطباء في الكشف عن المرض فحسب، بل في تحديد موقع الإصابة بدقة، وهو ما تهدف نماذج الذكاء الاصطناعي التي نعتمدها إلى معالجته. إذ من الممكن أن تساهم هذه النماذج، التي تهدف إلى تعزيز تشخيص مرضى السرطان والتنبؤ به، بالتخفيف إلى حد كبير من العبء الذي تتحمله أنظمة الرعاية الصحية، كما من شأنها أن تساعد الأفراد الذين يتم تشخيص إصابتهم بالمرض.”
هذا وعمد سعيد إلى تطوير نموذج للذكاء الاصطناعي قادر على تفسير التصوير المقطعي المحوسب والأشعة المقطعية بحثاً عن مؤشرات لسرطان الرأس والرقبة. وقد عزز هذا النظام عبر اللجوء إلى معالجة اللغات الطبيعية لتفسير ملاحظات الأطباء المعنيين، وتحديد سياق إصابة المريض بالمرض، والعوامل المتغيّرة مثل عمر المريض وجنسه ووزنه والعلاجات التي تلقاها سابقاً، وما إذا كان يشرب الكحول أو يدخن.
كما يعتقد سعيد أن بحثه، إلى جانب التقنيات العديدة كالماسحات الضوئية المحمولة بالموجات فوق الصوتية، قد يترك أثراً ملموساً في عدة دول، مثل الهند، حيث الخدمات المقدمة للمرضى المصابين بالأورام محدودة جداً، لاسيما في ظل النقص في عداد الأطباء المتخصصين. ويعمل سعيد حالياً على أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، لتعزيز مختلف جوانب هذا البحث.
وتابع سعيد حديثه قائلاً: “أسعى إلى نشر المزيد من الأبحاث قبل الانتقال إلى القطاع الصناعي. فأنا مهتم بشكل خاص بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تترك تأثيراً كبيراً في المجتمع. وبفضل شركات الذكاء الاصطناعي النشطة في أبوظبي، وتعاون جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مع مؤسسات رائدة، مثل كليفلاند كلينك أبوظبي، أصبحت أبوظبي مدينة تجذب المواهب للعيش فيها والمساهمة في تعزيز مكانتها الريادية هذا المجال.”
من جهة أخرى، وفي حين يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانات هائلة من شأنها إحداث تحوّلات جذرية في قطاع الرعاية الصحية، نشهد العديد من المخاوف المرتبطة بموارد الحوسبة الهائلة وكميات الطاقة الكبيرة التي يتطلبها لتقديم نتائج فعّالة. لذا، عمل على معالجة هذا التحدي طالبين من خريجي برنامج الدكتوراه لعام 2024 هما ويليام دو فازلس وهلال محمد هلال الكعبي، لكن كل من زاوية ومنظور مختلف.
فويليام دو فازلس هو أول طالب فرنسي يتخرج من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وقد أكمل دراسته في الهندسة في جامعة باريس ساكلاي الشهيرة وعمل في القطاع الصناعي بصفته مهندس أبحاث، قبل أن يقرر الحصول على درجة الدكتوراه في تعلّم الآلة في أبوظبي. وهو سيحرص بعد تخرجه على استكشاف الفرص المتاحة في القطاع الصناعي في الدولة.
وقد ركز بحثه على خوارزميات التحسين، وهي الآلية التي تتعلم من خلالها نماذج تعلّم الآلة من بيانات التدريب. وقد أولى نوعاً خاصاً من الخوارزميات اهتماماً أكثر من غيره، وهو خوارزميات العتبة الصلبة، والتي تمكّن الذكاء الاصطناعي من تبسيط المعلومات والتركيز على الأكثر أهمية منها، مما يسهّل عمليتيّ تحليل البيانات واستخدامها.
يُذكر أن أهمية هذا البحث ستبرز يوماً بعد يوم مع تزايد اعتماد الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات، وذلك لأن متطلبات الطاقة لنماذج الذكاء الاصطناعي الحالية لا تُعتبر مستدامة، نظراً إلى الطاقة والموراد الحاسوبية التي تحتاج إليها.
وأوضح دو فازلس قائلاً: “عند مقارنة هذا النهج، أي خوارزميات العتبة الصلبة، بالطرق الأخرى المعتمدة، أثبت البحث أنه على الرغم من أنها تنتمي إلى فئة من الخوارزميات التي يصعب تحليلها عادةً، والتي تُسمى بالخوارزميات غير المحدبة، إلا أنها تتيح في الواقع الحصول على نتائج مشابهة لنتائج الخوارزميات الأسهل في التحليل، والتي تُسمى بالخوارزميات المحدبة، في العديد من الإعدادات التقليدية.”
أما الطالب الأردني هلال محمد هلال القوابع، فقد ركز بحثه على كفاءة الذكاء الاصطناعي للحصول على درجة الدكتوراه في تعلّم الآلة. إذ تمحور البحث حول التقنيات المصممة لتحسين كفاءة تعلّم خوارزميات تعلّم الآلة، من دون أن يؤثر ذلك في فعاليتها.
وفي إطار تسليط الضوء على بحثه، قال القوابع: “أنا أجد العديد من مجالات تعلّم الآلة مثيرة للاهتمام، لكنني كنت حريصاً على مواجهة هذا التحدي على وجه التحديد لأنه في حال لم تتم معالجته الآن، فقد تكون له تداعيات سلبية في المستقبل على قطاعات متعددة، بما في ذلك الرعاية الصحية، والنقل، والخدمات اللوجستية، والزراعة، لاسيما في المناطق النائية. وأنا أؤمن بــأنه لا بد من إتاحة فوائد الذكاء الاصطناعي للجميع.”
وقد ركز القوابع في بحثه على أساليب تعلّم الآلة المعروفة باسم التعلّم القائم على الأزواج والتعلّم القائم على عينات متعددة، وأوضح قائلاً: “بحثت عن طريقة تتيح للآلات أن تتعلم من أنواع مختلفة من الأمثلة التي تم تصميمها لتعزيز قدرتها على حل المشكلات الملحّة وتحسين قدرتها على اكتشاف التفاصيل الدقيقة التي قد تفوتها عادةً، وتعمقت في كيفية تحقيق ذلك عبر معلومات وموارد محدودة.”
إذ يمكن أن يكون التعلّم القائم على الأزواج مفيداً في تطبيقات متعددة، مثل اكتشاف الحالات الشاذة، ومنع الاحتيال، واسترجاع المعلومات وتصنيفها، فيما يمكن للتعلّم القائم على عينات متعددة أن يساعد في مجالات تشمل اكتشاف الأدوية، وتصنيف الصور، وتصنيف النصوص.
ولا بد من الإشارة إلى أن القوابع يحرص في إطار مسيرته المستقبلية على مواصلة العمل على معالجة تحديات تعلّم الآلة على الصعيد النظري، وأنه يرغب في مواصلة عمله البحثي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي تم تصنيفها من بين أفضل 20 جامعة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، والرؤية الحاسوبية، وتعلّم الآلة، ومعالجة اللغات الطبيعية، وعلم الروبوتات، وذلك وفقاً لتصنيفات CSR.
A team from MBZUAI used instruction tuning to help multimodal LLMs generate HTML code and answer questions.....
Martin Takáč and Zangir Iklassov's 'self-guided exploration' significantly improves LLM performance in solving combinatorial problems.
اقرأ المزيدThe caliber of MBZUAI’s faculty is on display in the organizing committee of ICDM 2024, enhancing the.....