نحو تعزيز قدرات الرادارات بالذكاء الاصطناعي

Monday, January 29, 2024

قدم مؤخراً خريجُ جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يحيى دلبح الحاصل حديثاً على درجة الماجستير، نتائج دراسة بحثية أنجزها بالتعاون مع مجموعة من زملائه. كان ذلك خلال فعاليات “المؤتمر الشتوي حول تطبيقات الرؤية الحاسوبية” الذي عُقِد هذا الشهر في هونولولو – هاواي. يذكر أن المؤتمر (“ورشة العمل حول تطبيقات الرؤية الحاسوبية”) يُنَظَّم بالشراكة بين “مؤسسة الرؤية الحاسوبية” و”معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات”.

وتقترح الدراسة البحثية التي أسهَم فيها من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي كل من جان لحود – الباحث المشارك في قسم الرؤية الحاسوبية؛ والأستاذ المساعد هشام شولاكال من القسم نفسه، طرقاً جديدة يمكن من خلالها استخدام تكنولوجيا الرادار للتعرف على الأجسام، والتي لها تطبيقات متعددة ومختلفة نذكر منها، على سبيل المثال، تطبيقاتها في مجال تكنولوجيا المَركبات ذاتية القيادة السريع التطور.

ربط الماضي بالحاضر

يعود تطوير تكنولوجيا الرادار (Radar) لكشف المدى وتحديده بالموجات اللاسلكية إلى عقود مضت. وأول استخداماتها كان عسكرياً في أوائل القرن الماضي. وتستخدم الرادارات – كما يدل على ذلك اسمُها – موجات الراديو اللاسلكية للكشف عن وجود الأجسام وتحديد اتجاهاتها وبُعدِها وسرعتها.

وللحصول على هذه المعلومات تقوم الرادارات بإرسال هذه الموجات الراديوية التي تقوم بتحليل انعكاساتها المرتدة. ورغم أن هذه التكنولوجيا تُستخدَم منذ أكثر من قرن من الزمن، إلا أنها فعالة وما تزال تُستخدَم على نطاق واسع في العديد من القطاعات بما في ذلك الطيران، والشحن، والأرصاد الجوية.

يحيى دلبح

وتظل، مع هذا، قدرات الرادارات محدودة، إذ 'لا يمكنها – يوضح يحيى – أن تخبرك عن طبيعة الجسم المكشوف عنه، لكن يمكنها أن تخبرك بوجوده، وهو أمر جيد بالنسبة لمعظم العمليات، غير أن الوضع يصبح مختلفاً عندما يتعلق الأمر بسيارة، والحالات التي يجب فيها أن تتوقف بغض النظر عن طبيعة الجسم الموجود أمامها'.

ورغبة منه وزملاؤه في بحث إمكانية دمج تكنولوجيا الرادارات مع تقنيات أخرى لتحديد الأجسام والتعرف عليها، أوضح يحيى أن: 'بحث إمكانية تعزيز تقنية الرادارات بمصادر معلومات أخرى لتحديد طبيعة الأجسام لم يعطَ القدر الكافي من البحث والدراسة'، مشيراً إلى أنه 'مجال بحثي حديث ويستحق الاهتمام لأن الدراسات التي تتصل به ما تزال محدودة'.

وعلاقةً بتكنولوجيا تحديد الأجسام والتعرف عليها التي يريد يحيى وزملاؤه تعميق البحث في إمكانية دمجها مع تكنولوجيا الرادارات، يذكر أنها تقنية تُمكن الآلات من تحديد الأجسام وتصنيفها سواءً في الصور أو في مقاطع الفيديو اعتماداً على خوارزميات تعالج البيانات المرئية، وتحدد السمات المتصلة بها وتصنفها ضمن فئات محددة. وتلعب هذه التكنولوجيا دوراً بالغ الأهمية بالنسبة لعدة تطبيقات مثل تطبيقات السيارات ذاتية القيادة وأنظمة التعرف على الوجوه.

يذكر أيضاً أن تكنولوجيا تحديد الأجسام والتعرف عليها تعتمد تقنية تعلم الآلة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على حزم البيانات الكبيرة من الصور في محاولة لمنحها القدرة على التعرف على الأجسام وتصنيفها بشكل مستقل في بيئات وظروف متنوعة.

وينظر يحيى وزملاؤه في إمكانية الدمج بين هاتين التقنيتين من خلال الورقة البحثية التي تم تقديمها خلال فعاليات “ورشة العمل حول تطبيقات الرؤية الحاسوبية”، تحت عنوان “TransRadar: Adaptive-Directional Transformer for Real-Time Multi-Vide Radar Semantic Segmentation“.

ويُوضِحُ يحيى، في الدراسة البحثية، أن الكاميرات – بفضل تكنولوجيا التعلم العميق – تُعَدُّ من أفضل الأدوات التي يمكنها التعرف على الأجسام غير أنها تتأثر بتقلب ظروف الأحوال الجوية على عكس تكنولوجيا “الليدار” التي لا تتأثر بها وتَستخدم الضوء لجمع معلومات ثلاثية الأبعاد عن محيطيها في حدود مدى قصير يصل إلى حوالي 200 متر فقط.

وتمثل، في هذا السياق، الورقة البحثية المنجزة خطوة في اتجاه الدمج بين بيانات الرادارات والليدار والكاميرات، والقدرة – يقول يحيى – على المعاوضة بينها وتحسين أدائها بالتعلم فيما بينها وتصحيح أخطاء بعضها البعض في حال تأثر إحداها بظروف خارجية كتأثر الكاميرات، على سبيل المثال، بسوء الأحوال الجوية.

التحدي الذي تطرح هذه المقاربة يكمن في صعوبة فهم هذه الأنواع المختلفة من المعلومات الآتية من مستشعرات مختلفة؛ فالكاميرات يمكنها التصوير بمعدل 60 إطارًا في الثانية، والليدار يمكنه أن يجمع معلومات ثلاثية الأبعاد عن البيئة المحيطة بمعدل 150 مرة في الثانية، فيما يصل هذا المعدل بالنسبة للرادار إلى 1000 مرة في الثانية. كما قد تقوم هذه المستشعرات بالنظر إلى محيطيها أو بيئتها من زوايا مختلفة؛ ولذا يجب توحيد هذه المتغيرات بين هذه التقنيات بحيث تكون المعلومات الواردة منها متكاملة، وذلك اعتمادا على تقنية تُعرف باسم الدمج بين بيانات المستشعرات.

معالجة جديدة لبيانات الرادارات

ويتعلق الابتكار الرئيسي للفريق بتطبيق تقنية تُعرَف باسم “المحول لمعالجة بيانات الرادارات”. والمحول هو نوع من الشبكات العصبية التي تستخدم “آلية الانتباه الذاتي” ولديها القدرة على التركيز على المكونات المهمة في الصورة مع فهم الصورة ككل أيضًا. وقال يحيى أن: “’الانتباه الذاتي‘ هو وسيلة لربط ما يحدث في أجزاء مختلفة من الصورة مع بعضها البعض”، وهذا يجعل من الممكن للتطبيقات التي تعتمد على المحولات تحديد العلاقات بين الأجسام التي قد تكون بعيدة مادياً عن بعضها البعض والتي قد لا يمكن التعرف عليها بطرق أخرى.

يُذكر أن الدراسات السابقة التي استخدمت “آليات الانتباه”، اقترحت أخذ عينات من البيانات على طول محاور محددة، مثل العرض أو الارتفاع؛ وعلاقة بهذه المقاربة، أوضح يحيى أن النهج الذي تبناه فريق العمل – الذي يصفونه بـ “الانتباه الموجه التكيفي” – يمنح آلية الانتباه مرونة أكثر لتحليل بيانات التقاطعات بين المحاور مما يوفر للنموذج رؤية أكثر شمولاً للبيانات التي يتم تمثيلها.

طور يحيى وزملاؤه، فضلا عن هذا، طريقة جديدة لتحسين قدرة النموذج على تفسير بيانات الرادارات، وهو أمر ليس بالهين لأن الكثير من المعلومات التي توفرها الرادارات تعتبر غير مهمة، ونسبة ضئيلة منها هي التي تتصل فعلياً بالجسم المكشوف عنه، حيث أفادت الورقة البحثية أن أكثر من 99% من إجمالي وحدات البيكسل المعالجة في مجموعة البيانات المدروسة كانت غير مهمة، وأن فقط أقل من 1% منها له علاقة بما يحاول النموذج الكشف عنه.

بينت الدراسة البحثية كذلك أن استخدام مجموعتين قياسيتين من بيانات الرادارات، قد مكنت نموذجهم من تحقيق “أداء قوي” في التجزئة الدلالية وأداءً محسناً في الكشف عن الأجسام. وبالنظر إلى هذه النتائج المشجعة، يتطلع الفريق إلى مواصلة جهودهم الساعية إلى دمج تكنولوجيات الرادار مع الصور الملونة من الكاميرات “لتوليد توقعات أقوى أكثر” قد تضع مقياساً جديداً لكيفية حصول المركبات على المعلومات في العالم من حولها.

ويخطط يحيى، الذي يتابع دراساته الجامعية في برنامج الدكتوراه، مواصلة الاهتمام ببحث كيفية وطرق استخدام دمج البيانات، بما في ذلك بيانات الرادارات، في تطبيقات مثل رسم الخرائط أو الملاحة الداخلية.

أخبار ذات صلة

thumbnail
Tuesday, November 12, 2024

نظام ذكاء اصطناعي يجمع بين التعلم العميق وخبرة الطبيب للتنبؤ بمآل مرض السرطان

محمد رضوان يشرح كيف يساعد نموذجه التنبئي، HuLP، الأطباء في تقييم كيفية تطور الحالات المرضية بالسرطان لدى.....

  1. الدكتوراه ,
  2. الرعاية الصحية التنبئية ,
  3. MICCAI ,
  4. الرعاية الصحية ,
  5. بحوث الطلاب ,
  6. تعلّم الآلة ,
اقرأ المزيد
thumbnail
Thursday, November 07, 2024

أخبار الخريجين: ذكاء اصطناعي متاح للجميع

بعد حصوله على الماجستير في الرؤية الحاسوبية، أحمد شرشر – طالب الدكتوراه – يسعى إلى تمكين الجميع.....

  1. الدكتوراه ,
  2. الوصول ,
  3. أخبار الخريجين ,
  4. كفاءة الطاقة ,
  5. الرعاية الصحية ,
  6. الخريجون ,
  7. الرؤية الحاسوبية ,
اقرأ المزيد
thumbnail
Thursday, October 31, 2024

أفكار ملهمة: تيسير الالتزام بنظام غذائي صحي

وفاء الغلابي وأومكار ثوكار، طالبا الدكتوراه في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، يتجهان نحو إحداث تحول.....

  1. مركز حضانة وريادة الأعمال ,
  2. أخبار الطلاب ,
  3. الابتكار ,
  4. IEC ,
  5. student highlights ,
  6. الصحة ,
  7. innovation ,
  8. health ,
  9. entrepreneurship ,
  10. ريادة الأعمال ,
اقرأ المزيد